أخبار عاجلة

سلقطة .. مدينة الحضارات والتاريخ

سلقطة كلمة لاتينيّة مشتقّة من «سلكتوم» أي المكان المختار أو المفضّل، أو مكان الأخيار من القوم. والجدير بالذّكر أنّ سلقطة تقع على بعد 5 كلم من قرية قصور السّاف. ولها وضع جغرافي يمتدّ في شكل ثلاثة أهلّة متلاصقة أوّلها بدايته من بلدة الشّابة جنوبا وينتهي في نقطة من الأرض داخل البحر تعرف برأس البلد، وثانيها يبدأ من رأس البلد وينتهي عند نقطة أخرى تسمّى «رأس شبورو»، وثالثها يبدأ من «رأس شبورو» وينتهي برأس كبودة بمدينة المهديّة شمالا. وقد عثر، قرب شاطئ البحر، فيما بين 1962 و1963، على آثار رومانيّة ترجع إلى القرن الثّالث الميلادي. فهذه الحمّامات (thermes)، كانت تقوم مقام المقاهي والنّوادي، ففضلا عن الاستحمام كانت فضاء لتمارين الرّياضة البدنيّة، والمطالعة واللعب: كان الرّوماني أو الافريقي الأعزب أو المترمّل يقضي أوقات فراغه في الحمّامات هذه، ولا يعود إلى منزله إلاّ للنّوم هذا شأن سلقطة في عهود ما قبل الفتح الاسلامي، أمّا بعد الفتح، وخاصة في العهد الفاطمي فقد أصبحت من أرباض عاصمة العبيديّين (المهدية) ، واتّخذها أغنياء الفاطميّين منتزها ومصطافا، كما هو شأنها اليوم. وقد كشفت الحفريّات عن لُقى عدّة تعود إلى العهد الفاطمي منها الخزف الملوّن والمطليّ، والزّجاج المذهّب المصنوع بالمنصورة
ما يميّز شواطئ سلقطة عن بقية الشواطئ التونسية، هوّ أنّها تمتدّ على طول 13 كلم، وفيها تتنوّع طبيعة الشواطئ، حسب المكان، فنجد مثلا، الشواطئ الصخرية، والشواطئ الحجرية، والشواطئ الرملية الذهبية، وشواطئ صخرية- رملية…إضافة إلى أنّ مياه بحر سلقطة هيّ من أفضل المياه في تونس من حيث النقاء والصفاء، وهذا بفضل المراعي والأعشاب البحرية التي توجد في أعماق بحر سلقطة، ومنها تستمدّ أسماك سلقطة، جودتها ولذّتها المعروفة بها في كامل المتوسّط، فعلى سبيل المثال، سمك «الإمّيلة» أو « المجل» كما يحلو تسميته في مناطق أخرى، وأثناء هجرته الموسمية من شمال شواطئ ليبيا، إلى الحدود الجزائرية « عنّابة» مرورا بكامل الشواطئ التونسية، وحين يصل إلى شواطئ مدينة سلقطة، يتغيّر لونه تماما، ويميل إلى اللون الذهبي، وحتى طعمه، يصبح له لذّة خاصّة جدّا، يعرفها كل من تذوّق أسماك سلقطة بفضل مراعيها المتميّزة. وفضلا عن كلّ هذا، سلقطة هيّ مدينة الحضارات والتاريخ، حضارة بونيقية، ورومانية، وبيزنطية، وإسلامية، واستعملها الفرنسيون ومن بعدهم الألمان، في الحرب العالمية الأولى والثانية، كموقع استراتيجي هام، للسيطرة على البحر المتوسّط، ومنطلق عملياتهم العسكرية الاستكشافية.

شاهد أيضاً

الاحتفاظ بشخص من أجل مسك واستهلاك وترويج مادة مخدرة

في إطار التصدي لجميع مظاهر الجريمة وخاصة منها ظاهرة استهلاك وترويج المواد المخدرة وعلى إثر …