أخبار عاجلة

المهدية : رمز تطوّر الحضارات عبر العصور

تقع جغرافياً على ساحل تونس الشرقي وتحديداً في وسطها، وهي شبه جزيرة، وتتبع إدارياً إلى ولاية المهدية، ويطلق عليها اسم المدينة ذات الهلالين، وتبلغ مساحة أراضيها 2150 كم²، وبلغ عدد سكانها 410.812 نسمةً حسب إحصائيات عام 2014م، وتمتاز المدينة باحتوائها على العديد من المواقع الأثرية والتاريخية كباب زويلة، وقصر القائم بأمر الله، والجامع الكبير، ومصنع السفن، والبرج العثماني، والمتحف الجهوي

و هي تعدّ  العاصمة الثانية للدولة الفاطمية في إفريقيا،ووقع الاختيار عليها نظراً لما تتمتع به من موقع جغرافي مميز، فكانت بفضل إحاطة البحر بها من ثلاث جهات حصناً منيعاً متصدياً للغزوات الخارجية، وأصبحت فيما بعد مركزاً تجارياً في غاية الأهمية على مستوى الحوض المتوسط، ويعتبر تاريخ المدينة مجهولاً طيلة الفترة السابقة للدولة الفاطمية بالرغم من قيام عددٍ من الآثار الموجودة فيها، والتي تشير إلى أنها مأهولة بالسكان منذ الفترة البونية. تعرضّت مدينة المهدية للدمار والتخريب، وانتشرت الفوضى فيها بعد خروج المعز لدين الله الفاطمي منها إلى العاصمة الجديدة، وهي مدينة القاهرة في مصر سنة 970م، حيث دأب الصهناجيون إلى الانتقام من الفاطمييّن بإرسال حملات تشنها القبائل الهلالية إليها، فعمّها الدمار والفوضى، وتعاقبت الحملات الاستعمارية ضدها من الأساطيل الأوروبية، وحُرقها الإسبان سنة 1555م

.
وقد خضع تطوّر شكل المدينة وعمرانها بطبيعة الحال لما عاشته ومرّت به من أطوار وتقلّبات عبر تاريخها. فقد آل الأمر بربض زويلة إلى الاندثار شيئا فشيئا، فيما برز اسم قرية هيبون شمال المدينة. ثمّ أخذت ملامح المدينة تتغيّر تماما ابتداء من القرن السادس عشر بسبب تأثير العنصر التركي وهو جند الحاميات العسكريّة الجديدة بالمدينة. وقد أضيف إلى هذا العنصر، انطلاقا من سنة 1609م (1018م) عنصر الأندلسيّين المهاجرين من إسبانيا. هذا وإنّ نسبة تساوي 60 بالمائة من العائلات البرجوازيّة من أهالي المهدية اليوم تنحدر من “الكُولُوغْليّة”. وهذه أعلى نسبة بالبلاد التّونسيّة في هذا الباب، وهو ما أدّى إلى تأثير واضح ومحسوس في الأسماء والعادات والتقاليد

وفي آخر أيام الدّولة الحفصية تنازع الأتراك والإسبان مدينة المهدية بشدّة وعنف. وعمد الإسبان إلى محاصرتها سنة 1509م (915هـ)، ثمّ ركّزوا بها حامية قارّة سنة 1539م (945هـ) بعد استيلاء شارل الخامس (Charles Quint) إمبراطور إسبانيا على مدينة تونس. لكنّ القائد درغوث استولى على المهدية في السنة الموالية. وقد أُجلي بعد ذلك مؤقتا عن المدينة. ثمّ عاد فاستقرّ بها من جديد إلى يوم 8 سبتمبر 1550م (957هـ)، تاريخ تغلّب قائد البحر أندريا دوريا على هذا الموقع المحصّن والاستيلاء عليه باسم شارل الخامس المذكور الذي أمر بتخريبها وهدم تحصيناتها قبل مغادرتها والتخلّي عنها نهائيّا.

وفي سنة 1740م (1153هـ) غادرها أهلها وهجروها بسبب ما أصابهم من قسوة علي باشا عليهم عقابا لهم على وفائهم لعمّه ومناصرتهم إيّاه. وفي سنة 1848م (1264هـ) أصبح عدد السكّان المسيحيّين بالمدينة من الأهميّة بحيث استوجب تركيز كنيسة خوْرنيّة. وبالرغم من تحسّب أهل المدينة واحتياطهم في أثناء انتفاضة سنة 1864م (1281هـ) التي قامت بسبب مضاعفة ضريبة المجبى بالبلاد، فإنّ المهدية، باعتبارها مدينة مجرّدة من الأسوار، قد تعرّضت إلى نهب سكان القرى المجاورة، وتردّت إلى حالة من الافلاس المالي، كما كان شأن منطقة الساحل كلّها، بسبب التأثيرات المزدوجة لحملة الوزير زرّوق من جهة، ولتشدّد أصحاب الديون والمرابين وشططهم في المطالبات من جهة أخرى.

شاهد أيضاً

المهدية : برنامج النقل الريفي المدرسي

اكدت الكاتبة العامة لجمعية ” المدنية ” دلال المحرزي ان البرنامج الوطني للنقل الريفي المدرسي …